كيف يعمل التلسكوب ؟ وكيف تمكننا هذه الأداة البسيطة من استكشاف النجوم

قام صانع النظارات الألماني هانز لبرشي بصناعة التلسكوب الأول في عام 1608 ليطلق عليه اسم ناظر “looker”، وقال بأن الناظر له القدرة على التكبير تصل إلى ثلاث مرات، ما لبث بعدها أن يسمع غاليليو عن هذا الاختراع من قبل مساعده الفرنسي جاك بوفيدري في عام 1609، فقرر بعدها تصميم اختراعه الخاص دون رؤية اختراع هانز. تمكّن غاليليو من تصميم تلسكوبه الخاص مع بعض التحسينات والتطويرات التي منحت تلسكوبه القدرة على التكبير 20 مرة.

كان غاليليو أول شخص يوجه تلسكوباً نحو السماء، فتمكن من رؤية الجبال والحفر على سطح القمر واستطاع رسم أوجه القمر بدقة، وأيضاً رأى حزام من الضوء المقوس في السماء مما ساعده في وصف مجرة درب التبانة، والبقع الشمسية وحلقات زحل حتى تمكن من رؤية أربعة أقمار للمشتري. كل هذه الأمور جعلت غاليليو مقتنع بنظرية مركزية الشمس التي تقر على أن الشمس تقع في نقطة مركزية والكواكب والأجسام الأخرى تدور حولها، مما جعل الكنسية الكاثوليكية في ذلك الوقت تتهمه بالهرطقة لأنها كانت تؤمن بمركزية الأرض أي أن الأرض هي مركز الكون، فتسبب ذلك باحتجازه من قبل محاكم التفتيش ليستمر في عمله حتى وفاته في عام 1642.

ازدهر علم الفلك بعد غاليليو وإسحاق نيوتن نتيجة التلسكوبات المعقدة، ومع تقدم التكنولوجيا تمكن الفلكيون من رؤية العديد من النجوم الباهتة وقياس المسافات النجمية. في القرن التاسع عشر استعملوا آلة جديدة تدعى المطياف “spectroscope” فقدروا على جمع المعلومات عن البنية الكيميائية وحركة الأجرام السماوية. لاحقاً في القرن العشرين طوروا تلسكوبات أكبر اتاحت لهم النظر في مسافات أبعد أكثر. فيما بعد لم يعد تضخيم التلسكوبات جدوة بسبب الغلاف الجوي.

ما تأثير الغلاف الجوي على التلسكوب ؟

التلسكوبات الفضائية لها القدرة على تجاوز تشويش الغلاف الجوي لكوكب الأرض‌، بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من أطوال الموجات من المجال الكهرومغناطيسي التي لا تصل إلى الأرض لأنها تُمتص وتنعكس بتأثير الغلاف الجوي.

فقط موجات الضوء المرئي وقسم صغير جداً من الأشعة تحت الحمراء وجزء من موجات الراديو وجزء بسيط للغاية لا يتسحق أن يذكر من أشعة غاما والأشعة فوق البنفسجية تصل الأرض، ولدراسة الموجات فوق البنفسجية أو الأشعة السينية x-rays أو أشعة غاما، احتاج العلماء لوضع التلسكوبات خارج الغلاف الجوي للأرض عادةً في مدارات حول كوكب الأرض.

كيف يعمل التلسكوب ؟

التلسكوب هو أداة يستعملها الفلكيون ليروا الأجسام البعيدة، معظمها يعمل باستخدام مرايا مقوسة لجمع وتركيز الضوء من السماء ليلاً. كانت التلسكوبات الأولية تستخدم قطع محدبة من الزجاج الشفاف تسمى العدسات، لكن اليوم يتم استبدالها بالمرايا كونها أخف وأسهل بجعلها مصقولة، وعند استخدام العدسات أو المرايا في التلسكوبات يتم تغيير اسمها لتدعى بصريات أو optics.

تستطيع التلسكوبات القوية رؤية أبهت وأبعد الأجسام، واجب حدوث ذلك هو تمتعها ببصريات ضخمة سواء أكانت مرايا أم عدسات، حيث كلما كانت البصريات الضخمة كلما استطاعت جمع كمية أكبر من الضوء، يتم بعدها تكثيف الضوء بسبب بنية البصريات.

على البصريات أن تكون شبه متقنة وتامة، أي انها يجب صناعتها لتتسم بالبنية والشكل المناسب لتكثّف الضوء، أيّة خدش أو بقع أو عيوب أخرى ستجعل الصور مشوهة أو ضبابية وصعبة الرؤية.

ما هي أنواع التلسكوبات ؟

هنالك نوعان أساسيان من التلسكوبات تلسكوبات كاسرة (refracting telescopes) و تلسكوبات عاكسة (reflecting telescopes).

  • التلسكوبات الكاسرة (Refracting Telescopes): تستعمل هذه التلسكوبات العدسات، نفسها تلك التي تستعمل في النظارات الطبية، كلا العدسات في النظارات والتلسكوبات تقوم بثني الضوء، ولكن في النظارات تجعل الأشياء وضاحة للرؤية بينما في التلسكوبات تمكن المرء من رؤية الأجسام البعيدة بجعلها تبدو قريبة. تكون العدسات الكبيرة والثخينة أكثر قوة وكفاءة ولكن كلما ازداد حجم العدسة كلما أصبحت أثقل مما يجعلها من الصعب تثبيتها في مكانها وصعبة الصنع، أيضاً الزيادة في ثخانة العدسات تعيق من مرور الضوء.
التلسكوب الكاسر
  • التلسكوبات العاكسة (Reflecting Telescopes): تستعمل هذه التلسكوبات المرايا، وعلى عكس العدسات يمكن للمرآة أن تكون رقيقة للغاية، وليس من الضروري زيادة ثخانة المرآة مع زيادة حجمها. يتركز الضوء بارتداده عن المرآة لذلك على المرآة أن تكون محدبة بشكل متقن تقريباً، كما من السهل صناعة المرايا وتنظيفها مقارنةً بالعدسات. من أهم عيوب المرايا هي قلبها للصورة ولكن من السهل حل هذه المشكلة وذلك بوضع مرآة أخرى، ومن أكبر مزايا المرايا هي خفتها ولأنها خفيفة من السهل إطلاقها في الفضاء مثل تلسكوب هابل.
التلسكوب العاكس

ما هي أشهر التلسكوبات؟

  • مرصد هابل الفضائي (Hubble Space Telescope): أطلق هذا التلسكوب في عام 1990، وقد ساهم في تحديد عمر الكون بدقة أكثر، وإيجاد أقمار جديدة بالقرب من بلوتو، وملاحظة المجرات في الكون، بالإضافة إلى مراقبة الطقس الفضائي في الكواكب الأخرى. حدث عيب في مرآته وتم إصلاحه مع بعض التطويرات من قبل طاقم مكوك فضائي في عام 1993. خضع مرصد هابل لخمس مهمات صيانة، كانت أخر واحدة في عام 2009، ما زال مرصد هابل في صحة جيدة حتى يومنا هذا، ومن المتوقع تداخل بعض اكتشافاته مع تلسكوب جيمس ويب الفضائي. ينتمي مرصد هابل إلى برنامج المراصد الكبرى التي أطلقته ناسا في حقبة التسعينات والألفينات، وهو برنامج يتكون من أربعة تلسكوبات أساسية وهم مقراب سبيتزر الفضائي ومرصد كومبتون لأشعة غاما ومرصد تشاندرا الفضائي للأشعة السينية، حيث قام كل واحد منها باكتشافات عدة.
  • تلسكوب جيمس ويب الفضائي (James Webb Space Telescope): وهو خليفة مرصد هابل الفضائي، وتم تأجيل موعد إطلاقه عدة مرات عبر السنوات ليكون موعد إطلاقه الأخير في سنة 2020. على عكس هابل سيكون هذا التلسكوب بعيداً من كوكب الأرض أي طواقم الإصلاح لن تستطيع فعل أي شيء حياله. مهمته معرفة الضوء الأول في الكون، وكيف تشكلت المجرات والنجوم، والبحث في أصل الحياة متضمناً الكواكب الخارجية.
  • كيبلر (Kepler Telescope): لقد وجد تلسكوب كيبلر أكثر من 4000 كوكب منذ إنطلاقه في عام 2009، كانت مهمة بحثه تركز في كوكبة الدجاجة Cygnus constellation، لكن في عام 2013 حدثت مشاكل في تصويبه مما أدى إلى نشوء مهمة جديدة وهي تحرك كيبلر بمناطق مختلفة في السماء. أهم اسهاماته هي إيجاده لكواكب صخرية من الصعب رصدها بالقرب من النجوم الساطعة.

اترك ردّاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.