ما هي عملية اعادة التدوير ؟ وكيف يمكن تحويل القمامة إلى مواد جديدة

اعادة التدوير هي عملية جمع ومعالجة المواد التي من شأنها أن ترمى كقمامة، وتحويلها إلى منتجات جديدة، فيستفيد بهذه العملية كل من المجتمع المحيط والبيئة.

يتسع مفهوم اعادة التدوير، فمثلاً إيجادك فائدة جديدة لغرض قديم يعتبر اعادة التدوير. ولكن يصبح مصطلح إعادة التدوير ذو أهمية أكبر عند تجميع المواد وتحويلها إلى مواد خامة يُصنّع منتجات جديدة منها، وتعد كل من علب الألمنيوم والورق والفولاذ وحاويات البلاستيك أكبر الأمثلة عن المواد التي يتم إعادة تدويرها بكميات هائلة.

من النادر أن تكون المواد التي أعيد تدويرها بالضبط كما كانت من قبل، على سبيل المثال يحوي الورق المعاد تدويره على بقايا حبر وألياف أقصر من الورق الذي لم يُعد تدويره، وبسبب ذلك يصبح الورق أقل رغبةً في بعض الغايات كالورق المستعمل في الناسخات.

وفي بعض الحالات يُعاد تدوير بعض المواد لتصبح أرخص وأقل جودة من المواد الأصلية تحت عملية تسمى Down Cycling، وتتم هذه العملية عند وصول المواد إلى حد معين من إعادة التدوير. وفي حالات أخرى يحدث العكس تماماً بعملية تسمى Upcycling حيث يتم تحويل المواد إلى سلع جديدة ذات جودة وقيمة أكبر مثل شركة تقوم بتحويل الجرائد القديمة وعلب الألمنيوم إلى أثاث فني. 

ما هي فوائد اعادة التدوير ؟

  • تقليل كمية النفايات المرسلة إلى المدافن والمحارق: أحد أسباب إعادة التدوير هي تقليل كمية النفايات المرسلة للمدافن. في الثمانينات من القرن السابق كان يتم إرسال 150 مليون طن كل سنة (136 مليون طن متري) إلى المدافن في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها، وحتى يومنا هذا يتم إرسال أكثر من 100 طن سنوياً ولكن بنسبة أقل تقدر ب 90 مليون طن متري. تقوم الولايات المتحدة بتحويل  32% من النفايات في المدافن مانعةً تراكم 60 مليون طن من النفايات فيها سنوياً.
  • الحفاظ على الموارد الطبيعية كالماء والأشجار والمعادن: صنع منتجات جديدة دون استعمال مواد معاد تدويرها يؤدي إلى استنزاف موارد جديدة في عملية التصنيع كالورق على سبيل المثال.
  • زيادة الأمن الاقتصادي بالاستفادة من مصدر محلي للمواد وتوفير فرص عمل: أظهرت تحليلات اقتصادية بأن إعادة التدوير تحقق ثلاثة أضعاف الإيرادات لكل طن من النفايات في المدافن ويضاعف توافر فرص العمل بستة مرات.
  • يمنع التلوث من خلال تقليل الحاجة لجمع مواد خام جديدة: تسبب رشاحة النفايات كميات هائلة من التلوث فهي قادرة على التسرب من المدافن وتلويث مصادر المياه الجوفية.
  • يوفر الطاقة: استخراج ومعالجة المواد الخام كالخشب والنفط لصناعة مواد قابلة للاستخدام كالورق والبلاستيك والحديد يتطلب طاقة كبيرة، في حين تقلل عملية إعادة التدوير بأغلب الأوقات من استنزاف الطاقة، لأن المواد المعاد تدويرها تتطلب طاقة أقل لمعالجتها. صناعة الزجاج مثال على ذلك حيث تتم صناعته بصهر الرمل مع معادن أخرى تحت درجات حرارة عالية، ثم يتم تبريد الخليط المصهور لتكوين الزجاج. تعد عملية الصهر أكثر مرحلة مستنزفة للطاقة في عملية صنع الزجاج، ولذلك عند إعادة التدوير يتم صهر الزجاج مجدداً لصناعة منتجات زجاجية جديدة موفراً من 10 إلى 15 بالمئة من الطاقة.

كيف تتم عملية اعادة التدوير ؟

إعادة التدوير هي عملية جمع المواد المخلفة وتحطيمها للبنات تُستعمل في إنشاء منتجات جديدة، وبذلك يتم تجزيء كل مادة بشكل خاص لاختلاف بنية كل منها، فمثلاً يتم تحويل الورق إلى ألياف خشبية بينما يُحطم الزجاج إلى قطع صغيرة. يعمل العلماء والمهندسون لإيجاد أفضل الطرق لفصل المواد القابلة لإعادة التدوير في منشآت إعادة تدوير المواد واختصاراً يطلق عليها اسم MRFs.

هناك عادةً نوعان من منشآت إعادة التدوير، منشآت أحادية الفرز ومنشآت ثنائية الفرز، منشآت ثنائية الفرز تعني بأن حاويات القمامة الموجودة على الأرصفة تقسم إلى فئتين هما أوراق مختلطة وكل شيء آخر متبقي من النفايات، هاتان الفئتان تبقيان منفصلتان في شاحنات النفاية وتلقى كل واحدة منها في كومة معينة، وتُفرغ على أحزمة نقل مختلفة. بينما يُعنى بمنشآت أحادية الفرز بأن كل النفايات يتم رميها في نفس المكان ولاحقاً يقوم مجموعة من العاملين بمساعدة آلات متطورة بفرزها. أقل من نصف منشآت إعادة التدوير تستعمل هذه الطريقة ولكن العدد في تزايد.

تقريباً كل شيء قابل لإعادة التدوير، ولكن بعض المواد مثل الحواسيب والبطاريات والمصابيح الكهربائية تتسم بكونها معقدة أو كبيرة أو سامة ليتم اعادة تدويرها في المنشآت العادية، فتُرمى أو تُرسل إلى منشآت مخصصة.

تركز منشآت أحادية الفرز على خمسة أنواع مختلفة من النفايات وهي الورق والفولاذ والزجاج والألمنيوم والبلاستيك. تفرز هذه النفايات حسب نوعها ثم يتم معالجتها.

يفرز الورق والكرتون أولاً ويحدث ذلك بفضل عجلات مطاطية على شكل نجمة بمساعدة هواء يقوم بدفع الورق والكرتون ليتسلق العجلات وصولاً لحزام ناقل موجود في الأعلى، بينما تسقط النفايات الثقيلة عبر الفجوات الموجودة بين العجلات على حزام ناقل آخر. يقوم عمال بترتيب الورق والكرتون ويزيلون الملوثات المتبقية والقطع البلاستيكية الشاردة. ولإعادة تدوير الورق يجب تفكيكه لمكوناته الأساسية، ألياف السيللوز من الخشب والماء ويجب تصفية الورق من الحبر والتراب العالق بها.

ولبداية هذه العملية يتم كبس الورق ووضعه في رزم تُرسل إلى مطاحن بعدها توضع في حمام ماء ساخن يؤدي لتفكيك الورق إلى فروع صغيرة من ألياف السيللوز مكوناً مادة طرية تدعى لب الورق أو Pulp. لا يزال لب الورق متسخاً لذا يُرسل إلى غرابيل لتصفية أية بقايا مثل الصمغ أو بقايا قطع بلاستيكية، ثم يمر في ال “De-inker” وهو حمام آخر يحتوي على فقاعات ومواد كيميائية تشبه الصابون تقوم بفصل الحبر عن الورق. (تقوم الفقاعات بحمل الحبر إلى الأعلى بينما لب الورق والذي هو أثقل ينزل إلى الأسفل) وهكذا تكون انتهت عملية إعادة تدوير الورق والكرتون، لتصبح قابلة للاستعمال في صناعة المنتجات الورقية الجديدة.

اعادة التدوير

كان مصير النفايات الثقيلة سقوطها على حزام ناقل آخر، بعدها يتم تمريرها على حزام مغناطيسي يقوم بجذب المواد التي تحتوي على الحديد كالفولاذ، بينما يبقى الألمنيوم على الحزام الناقل لأنه غير مغنطيسي. يتم سحق الفولاذ ويوضع في حزم تُرسل إلى مسابك يصهر فيها، بعد ذلك يصبح جاهزاً للمزج مع فولاذ جديد، وهكذا يصير قابل للاستخدام في صناعات جديدة كالعلب والسيارات أو أي شيء آخر من الفولاذ.

اعادة التدوير

يتم فصل ما تبقى على الحزام الناقل من ألمنيوم وزجاج وبلاستيك بواسطة مصنف هوائي، والذي هو عبارة عن مروحة تتدفع المنتجات الخفيفة كالألمنيوم والبلاستيك نحو حزام ناقل موجود في الأعلى، بينما يسقط الزجاج على حزام ناقل موجود في الأسفل لأنه أثقل، ثم يتم أخذ الزجاج إلى مدحلة ليتم سحقه إلى قطع صغيرة تمرر عبر ما يشبه الغرابيل لتأكيد بأنه لا يوجد قطعة زجاجية أكبر من 5 سم، بعدها يتم تصنيف القطع الزجاجية حسب لونها إلى قطع شفافة وقطع خضراء وقطع بنية بسبب اختلافهم بالبنية الكيميائية. عند فصل الزجاج يتم سحقه إلى قطع صغيرة تدعى آسارة الزجاج التي تنصهر في درجات حرارة أقل من الزجاج.

اعادة التدوير

تبقّى البلاستيك والألمنيوم فيفصلوا عن بعضهم بآلة تدعى فاصل التيار الدوامي وهي اسطوانة كبيرة بدوار يحتوي على أقطاب مغناطيسية تقوم بخلق حقل مغناطيسي قوي جداً، هذا الحقل قوي لدرجة أنه يجعل الإلكترونات في الألمنيوم بأن تكوّن حقلاً مغناطيسياً خاصاً بها. يقوم الحقلان المتولد من الآلة والخاص بإلكترونات الألمنيوم بنفر بعضهما، فيتم دفع الألمنيوم إلى حزام ناقل مختلف بينما يستمر البلاستيك على نفس الحزام. بعدها يتم تمزيق الألمنيوم ثم غسله ثم تحويله إلى رقائق تُصهر في أفران كبيرة تصب بعدها في قوالب تُرسل إلى مصانع حيث يتم إذابتها مجدداً لتشكيل صفائح ألمنيوم يُمكن ثنيها وقطعها وتغيير شكلها لتكوين منتجات جديدة.

اعادة التدوير

بقي البلاستيك وتقريباً هناك ستة أنواع مختلفة بالتركيب الكيميائي من البلاستيك، كل نوع له بنية جزيئية مختلفة تحدد خواصاً فيزيائية معينة، وذلك يعني أيضاً بأنه يوجد أنواع إعادة تدويرها أسهل من غيرها‌. في معظم المنشآت يقوم عمال بفرز الأنواع البلاستيكية عن بعضها بينما في المنشآت الحديثة يوجد حساسات للأشعة تحت الحمراء، تقوم بتحديد نوع البلاستيك تبعاً لطيف الضوء التي تعكسه، حيث كل نوع يعكس الضوء بشكل مختلف، وعندما يتم تحديد النوع، تقذف نفثات من الهواء القطع البلاستيكية إلى أحزمة ناقلة مختلفة.

المصادر:

اترك ردّاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.