ما هو التضخم ؟ وما خطورته على الاقتصاد الدوليّ وأسبابه وأهم الأمثلة عنه في العالم

يعد التضخم أحد أهم القضايا الاقتصادية، فالأسعار حالياً تختلف بشكل كبير عن ذي قبل، كان الشخص الذي يقدر دخله ب10 آلاف يورو سنوياً من الأشخاص أصحاب الثروة العالية بينما اليوم يستطيع معلم حديث التخرج من الجامعة أن يحصّل ضعف هذه الكمية، سعر تذكرة سينما اليوم تساوي  13 يورو في حين كان سعر التذكرة في عام 1970م 30 بنساً علماً أن كل يورو يساوي تقريباً مئة بنس.

تلاحق الحكومات التضخم بهوس وتحاول أن تبقيه منخفضاً فهناك العديد من البيانات التي تُجمع في جميع الأوقات خوفاً من حصول أي كارثة. صار التضخم اهتماماً للحكومات في الآونة الأخيرة خاصةً في القرن السابع عشر بعد انهيار الامبراطورية الاسبانية بشكل أساسي من التضخم دون علمها بأن شيئاً كهذا كان يحدث. حيث بعد غزو الامبراطورية الاسبانية لكل من مملكتي الأزتك والإنكا تدفقت كميات هائلة من الذهب والفضة لاقتصاد الامبراطورية الاسبانية والعديد من الدول الأوروبية الأخرى وبسبب زيادة الدعم المادي ارتفعت الأسعار وسقطت قيمة العملة مما ساهم في انهيار الاقتصاد، لذلك أصبح التضخم موضع قلق للمجتمعات فراحت تبحث عن طرق لقياسه والقدرة على تدبيره والتحكم به.

يمتلك التضخم على حد سواء المعجبين والذامين، ويظن العديد أن التضخم بمعدلات محددة جيد لازدهار الاقتصاد، في حين تقوم المعدلات الضخمة بإثارة القلق، فللتضخم القدرة على التخفيض من قيمة العملة بشكل كبير، وفي أسوأ حالات التضخم من ممكن أن يسبب حالة ركود اقتصادي.

ما هو التضخم ؟

التضخم هو معدل زيادة أسعار السلع والخدمات خلال فترة زمنية محددة، غالباً ما يتم التعبير عنه كنسبة مئوية. يشير التضخم إلى الضعف في القوة الشرائية لعملة دولة ما (القوة الشرائية أو القدرة الشرائية هي قيمة العملة، يتم التعبير عنها من حيث قيمة الخدمات والسلع التي يمكن شراؤها بواحدة من المال).

مع ارتفاع الأسعار، تبدأ في التأثير بالأسعار المعيشية للعامة فتأخد السلطة النقدية للبلد مثل البنك المركزي التدابير اللازمة لإبقاء التضخم ضمن الحد المناسب والحفاظ على سلاسة الاقتصاد.

يتم قياس التضخم بطرق متنوعة بالاعتماد على نوع السلع والخدمات المعتبرة والتضخم عكس الانكماش المالي الذي يشير إلى انخفاض أسعار السلع والخدمات عند نزول معدل التضخم تحت الصفر.

ما هي أسباب التضخم ؟

الارتفاع في الأسعار هي جذر التضخم، على الرغم من ذلك فيمكن نسب الأسباب إلى عدة عوامل، يتم تصنيف التضخم إلى أنواع أساسية:

  • التضخم الناتج عن الطلب: يحدث التضخم الناتج عن الطلب عندما يزداد الطلب على الخدمات والسلع بشكل أسرع من الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، وهذا يؤدي إلى تشكل فجوة بين العرض والطلب حيث يكون الطلب أكبر من العرض مما يسبب ارتفاعاً في الأسعار. على سبيل المثال عندما قامت الدول المنتجة للنفط بالتوقف عن إنتاج للنفط، تناقص العرض فسبب ذلك بزيادة الطلب على النفط ناتجاً عنه زيادة في الأسعار ومساهماً في حدوث التضخم. بالإضافة إلى ذلك إن الزيادة في الدعم المادي يسبب التضخم، حيث يؤدي توفر المزيد من النقود لدى الأفراد إلى معنوية إيحابية لصرف المزيد من المال، هذا يؤدي إلى زيادة الطلب وبالتالي زيادة الأسعار. يمكن للدعم المادي أن يحدث من خلال طباعة المزيد من النقود وتوزيعها على الناس أو من خلال تخفيض قيمة العملة.
  • التضخم الناتج عن ارتفاع التكلفة: يحدث ارتفاع في الأسعار بسبب ارتفاع تكلفة صنع أو توفير الخدمات والسلع، هذا يؤدي نقص العرض مع بقاء نفس كمبية الطلب. أحياناً في التضخم الناتج عن ارتفاع التكلفة، يزداد سعر الموارد الأولية مؤدياً إلى زيادة أسعار البضائع والمنتجات، هذا يحدث نتيجة فقر في المواد الأولية مثل النفط.

كيف يتم حساب التضخم؟

ليس من السهل حساب التضخم بسبب وجود العديد من السلع والخدمات المختلفة، فلذلك وفرت الحكومة الأميركية وسائل لحساب التضخم منها:

  • مؤشر أسعار المستهلك: اختصاراً CPI، وهي الطريقة التي يستخدمها مكتب احصاءات العمل في الولايات المتحدة وتكون آلية عملها سهلة حيث يتم حساب سعر التجزئة للبضائع والخدمات، ووضع أكثر من عنصر قابل للشراء تنتمي إلى فئات مختلفة ضمن حزمة سلع، هذا المؤشر يتم حسابه كل شهر وكل شهر يتم إصدار النتائج.
  • Personal Composition Expenditures: اختصاراً PCE، يفضل بعض المحللون استخدام الPCE على الCPI، الفرق بينه وبين ال CPI أنه يتم حساب التضخم باستثناء حساب تضخم الغذاء والغاز والنفط.

أمثلة على التضخم:

  • عانت زيمبابوي في الألفينات من تضخم هائلجداً، يقول العديد من الاقتصاديين أن سبب حدوث هذا التضخم هو زيادة طباعة النقود لدعم حرب الكونغو الثانية، أصبح الأمر سيئاً لدرجة أن العملة صارت غير قابلة للاستبدال، فوضعت زيمبابوي خطة لإلغاء عملتها والانتقال إلى عملة أجنبية.
  •  تعاملت هنغاريا مع مشكلة تضخم في عام 1946 بعد الحرب العالمية الثانية، ففي أسوأ حالاتها وصل معدل تضخم عملتها حوالي 200% يومياً، فكانت تضاعف الأسعار كل 15 ساعة، ومثل زيمبابوي، وصلت العملة لمرحلة غير قابلة للتحسين من قيمتها، فكان الحل هو ترك العملة القديمة وبدأ عملة جديدة كلياً.
  • شهدت ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى تضخماً في البابيرمارك أو المارك الورقي، خسرت جمهورية فايمار الحرب واعتازت الدولة إلى طباعة العديد من العملة الصعبة (عملة يتم إستخدامها كعملة تبادل دولية، تكون قيمتها ثابتة) لتسديد الديون الهائلة الناتجة عن المال الذي اقترضته من أجل الحرب، فأنخفضت قيمة البابيرمارك بشكل كبير وأصبحت بلا قيمة خارج الحدود.

المصادر:

اترك ردّاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.