السديم هو غيوم موجودة في الفضاء تتشكل من تجمع غازات وغبار كونيّ وبعض البلازما، وهي عادة المناظر الأكثر شهرة والأكثر جذباً للناس عند الحديث عن الفضاء. هذه السدم ليست فقط عبارة عن مناظر خلابة لتسلية الإنسان ولكنّها تصبح أيضاً مكاناً لولادة النجوم وفي هذه الحالة يطلق عليها اسم حضانة نجمية، ومثال على ذلك تشكل شمسنا منذ 4.6 مليار سنة من سديم كونيّ في مجرة درب التبانة.
هذا الوصف البسيط يلامس جانباً واحداً فقط من حقيقة السدم وأهميتها، فهي ساعدت أيضاً العلماء على إدراك أن الكون ليس فراغاً فحسب، بل هو مكون من الغاز وجسيمات الغبار وتسمى هذه الغازات والجسيمات بالوسط النجمي، الغاز الموجود فيها يشكل نسبة 99% من الفضاء، وتكون نسبة الهيدروجين من كتلة هذا الغاز 75% و ال 25% المتبقية الهيليوم. وغالبا تكون السدم مكونة من هذين الغازين.
كيف يتشكل السديم ؟ وكيف تتشكل النجوم منه؟
حينما يموت نجم متوسط الحجم فإنه يطلق رياحاً من الغاز ثم يضيئها كما يوضح لب القزم الأبيض النجمي مكوناً سديماً كويكيبياً، وأيضاً حينما ينفجر نجم ذو كتلة عالية فإنه يبخر نفسه بطريقة مأساوية متحولاً إلى سحابة غازية متمددة بقوة.
بالخلاصة، يتكون السديم عندما يتعرض الوسط النجمي الى انهيار تثاقلي (في الجاذبية). والجاذبية المتبادلة تؤدي إلى تجمع المادة معاً مما يؤدي إلى تكوين مناطق ذات كثافة عالية، وقد تتشكل النجوم من هذه المواد المتداعية والتي يسمح إشعاعها المؤين فوق البنفسجي بأن يصبح الغاز المحيط مرئياً عند الأطوال الموجية الضوئية.
معظم السدم ضخمة في المساحة، ويصل قطر بعدها إلى أكثر من مئة سنة ضوئية. على الرغم من أنها أكثر كثافة من الفضاء المحيط بها، إلا أنها أقل من كثافة أيّ فراغ تم انشاؤه على الأرض. ولو كان السديم بحجم الأرض مثلاً لكانت كتلته تقدر ببضعة كيلوغرامات فقط.
السدم هي حرفيا جزء من ولادة وحياة وموت النجوم.
تصنيف السدم:
تأتي السدم في أربعة أصناف أساسية أولها السدم المنتشرة التي تتميز بعدم وجود حدود واضحة ومحددة، ويمكن تصنيفها تبعا لسلوكها مع الضوء المرئي فمثلا اذا انفجرت سحابة غاز بسبب ضوء من نجم كبير قريب، الالكترونات فيها تصبح نشطة وتقفز إلى مستوى أعلى من الطاقة وعند انخفاض مستوى طاقة الالكترونات تقوم ببعث الضوء وتتوهج وهذا ما يسمى بسدم الانبعاث.
لون سديم الانبعاث يختلف بحسب الغاز الذي فيها وبحسب شدة حرارتها، على سبيل المثال لو كان السديم من الهيدروجين لتوهج باللون الأحمر ولو كان من الأكسجين لتوهج باللون الأخضر أو بالأزرق إذا كانت درجته أقل، أما العناصر الأخرى فهي تتوهج بمختلف ألوان الطيف.
قد تبدو معظم السدم الانبعاثية متينة الا انها في الواقع هشة، فالكثافة في سديم غازي هي بضعة آلاف الذرات في السنتيمتر المكعب، بينما في الهواء الذي نتنفسه فهناك 10 مرفوعة للقوة 19 ذرة في السنتيمتر المكعب، سبب ظهورها على أنها كثيفة هو حجمها الضخم فقط.
النوع الآخر للسدم المنتشرة هو السدم الانعكاسية تختلف عن سدم الانبعاث بأنها تعكس الضوء من الجوم الضخمة القريبة، وفي هذه الحالة يكون معظمها من الغبار وليس الغاز وطبعا هذا الغبار يختلف عن الذي تجده أسفل أريكتك، فعندما يتحدث علماء الفلك عن الغبار فهم يقصدون حبوب دقيقة جدا طولها عبارة عن ميكرون واحد، للمقارنة، شعرة واحدة هي أعرض بمئة مرة من حبة الغبار هذه، وتتكون حبيبات الغبار هذه من السليكات والأكسيد والكالسيوم والألمنيوم وفي حالات كثيرة يرتبط هذا الغبار بجزيئات مركبة.
السدم المظلمة وهي سحب غير شفافة لا تتوهج ولا تعكس إضاءة النجوم، ولكنها تحجب الضوء من الأجسام المضيئة التي خلفها، وتعد مصدرا للأشعة تحت الحمراء.
بقايا مستعر أعظم تتشكل هذه السدم بسبب انفجار سوبرنوفا، وفي هذه الحالة النجوم قصيرة العمر عانت من انفجار في نواتها مما يؤدي إلى تطاير طبقاتها الخارجية. هذا الانفجار يؤدي إلى ترك بقايا بشكل متراص، وسحابة من الغاز والغبار المتأين بسبب طاقة الانفجار.
والنوع الأخير السدم الكوكبية التي تتشكل عندما تمر نجوم ذات كتل خفيفة في مراحل حياتها الأخيرة. في هذه الحالة تدخل النجوم في حالة العملاق الأحمر خاسرة بذلك طبقتها الخارجية ببطء نتيجة وميض الهيليوم في باطنها، وعندما تخسر النجوم مادة كافية ترتفع حرارتها وتبث الأشعة فوق البنفسجية مؤينة المادة المتطايرة المحيطة بها.
المصادر:
https://spaceplace.nasa.gov/nebula/en/
https://www.universetoday.com/61103/what-is-a-nebula/