التنمر هو السلوك العدواني أو المزعج الذي يظهره طفل أو مجموعة أطفال ضد طفل آخر ضمن البيئة المدرسية أو في المراحل العمرية التي يدرس فيها الأطفال، ويعتبر التنمر واحدًا من أخطر المشاكل الاجتماعية والنفسية التي يواجهها الأطفال في مرحلة الدراسة والطفولة والمراهقة.
لا يمكن اعتبار جميع المضايقات الجسدية أو اللفظية أو السلوكيات غير المرغوب بها بين الأطفال تنمرًا، بل يوجد العديد من الشروط التي تحدد ما إذا كان تصرف معين تعرض له الطفل تنمرًا أم لا، فبحسب العديد من المنظمات العالمية مثل المنظمة الأمريكية لمنع التنمر فإنه يتوجب وجود ثلاثة شروط لاعتبار أن ما يتعرض له طفل ما هو تنمر وهذه الشروط هي:
- اختلال ميزان القوى: التنمر يقوم بشكل أساسي على وجود فرق واضح في القوة الجسدية والنفسية وحتى الشعبية ضمن البيئة الواحدة بين المتنمر والطفل الذي يتعرض للتنمر، حيث يستخدم المتنمرون في الكثير من الأحيان قوتهم الجسدية أو امتلاكهم لمعلومات حول الضحية أو شعبيتهم بين أقرانهم لإلحاق الأذى النفسي والجسدي بالأطفال الآخرين.
- التكرار: من أهم شروط تحديد التنمر هو تكرار المضايقات والأذى الذي يتعرض له الطفل، أو حتى حصول تصرفات مؤذية في ظروف معينة تجعلها قابلة للتكرار مرة أخرى مما سيجعل الطفل ضحية للتنمر.
- التعمد: منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” تعتبر بدورها أن التعمد هو شرط أساسي لعملية التنمر، حيث أن المتنمرين يعلمون بماهية الأذى الجسدي أو النفسي الذي يمكن أن يتسببوا به لأقرانهم ويدركون تمامًا ذلك دون أن يمنعهم من إلحاق الأذى بالأطفال الآخرين.
بشكل أساسي توجد ثلاثة أساليب رئيسية للتنمر، أولها هو التنمر اللفظي وهذا النوع يعتمد على توجيه كلام أو كتابة أشياء مؤذية نفسيًا للطفل الذي يتعرض للتنمر، وتوجد العديد من السلوكيات التي يمكن أن تندرج تحت طائلة التنمر اللفظي ومنها: التفوه بعبارات جنسية أو نابية تجاه الطفل أو عائلته، التهديد بالضرب أو الأذى الجسدي وكذلك نعت الطفل بألقاب غريبة أو مؤذية تعتمد في كثير من الأحيان على عيوب شكلية يملكها الطفل مما يعرضه للسخرية من الآخرين ويشكل ضغطًا نفسيًا كبيرًا لدى الطفل الذي يتعرض للتنمر.
كذلك يوجد نوع لا يستهان به وهو التنمر الاجتماعي، حيث يتمثل هذا النوع من التنمر في السلوكيات التي تهدف لتدمير سمعة أو صورة الطفل في بيئته المدرسية أو الإضرار بعلاقاته مع أقرانه في المدرسة عبر مجموعة من الأفعال التي تشمل ترك الطفل خارج النشاطات الجماعية بشكل مقصود من أقرانه، أو نشر الشائعات والقصص الكاذبة حول الطفل من قبل المتنمر، كما يستعمل المتنمرون قوتهم للضغط على الأطفال الآخرين للابتعاد عن الطفل الذي يتعرض للتنمر مما يعرضه للعزلة الاجتماعية في البيئة المدرسية.
يمكن أن تتطور تلك السلوكيات إلى مرحلة متقدمة من التنمر الذي يتعرض له الأطفال وهو التنمر الجسدي، وهو تعمد تعريض الطفل للإيذاء الجسدي أو تخريب ممتلكاته من قبل الأطفال الآخرين، وبحسب المنظمة الأمريكية لمنع التنمر فإن التنمر الجسدي يشمل العديد من التصرفات مثل: تعرض الطفل للعرقلة أثناء المشي أو الركل المتعمد أو القرص وغيرها من أشكال الإيذاء، كما يمكن أن يتعرض الطفل للبصاق من الأطفال الآخرين كأحد أشكال الإهانة والتعنيف الجسدي إضافة لاستخدام الإيحاءات الجسدية العدوانية تجاه الضحايا، كما يعتبر تخريب ممتلكات الطفل وأغراضه المدرسية من أشكال التنمر الجسدي.
بلا شك فإن هذه الظاهرة خطيرة ولا يجب الاستهانة بها، حيث أظهرت دراسة علمية أن الأطفال والمراهقين الذين يتعرضون للتنمر هم أكثر عرضة للانتحار بتسع مرات من أقرانهم، كما تظهر العديد من الدراسات أن من يقومون بالتنمر يواجهون العديد من المشاكل في المستقبل في الاستمرار ضمن الوظائف أو تكوين العلاقات الصحية مع الآخرين.
يمكن لهذه الظاهرة أن تسبب تبعات نفسية خطيرة على كل من الطفل الذي يتعرض للتنمر وكذلك الطفل الذي يمارسه، ويمكن أن تعكس مشاكل نفسية خطيرة جدًا حيث تشير العديد من الدراسات أن الأطفال المتنمرين يمارسون العنف ضد أقرانهم كشكل من أشكال الاحتجاج النفسي إما لكونهم تعرضوا هم سابقًا للتنمر من الآخرين، أو لوجود علاقة غير صحية مع الوالدين في المنزل أو لتعرضهم للعنف المنزلي والأسري.