تقنية Blockchain هي إحدى أشهر تقنيات تخزين البيانات في السنوات الأخيرة، يمكن تعريفها باختصار بأنها تقنية لحفظ واسترداد السجلات والبيانات بطريقة آمنة وصحيحة دون الخوف من اختراقها أو تعديلها من خلال ربط كتل البيانات مع بعضها عن طريق مجموعة من الرموز المشفرة، ومن هذه العملية يأتي الاسم Block Chain أي سلسلة الكتل أو المجموعات، لأن كل كتلة مرتبطة مع التي تسبقها بوصلة لا يمكن قطعها.
تقنية Blockchain تستخدم في الوقت الحاليّ في كثير من الأماكن، ربما أشهرها هو التعاملات المالية من خلال العملة الرقمية المشفّرة Bitcoin والعملات الرقمية المشفرة الأخرى، عدى عن هذه العملات تستخدم تقنيات البلوكتشين Blockchain في بعض الشركات التجارية الضخمة مثل والمارت الامريكية Walmart لتقوم هذه الشركات بمتابعة توصيل الشحنات الغذائية من المزارع وحتى يد المستخدم، بضمان عدم تحوير هذه البيانات أو تزويرها.
كيف تضمن تقنية البلوكتشين Blockchain أمان وموثوقية البيانات؟
ببساطة، تقوم هذه التقنية بربط كل كتلة من البيانات بالكتلة التي تسبقها من خلال مفتاح تشفير ورمز خاص بها، وفي نفس الوقت، تخزن هذه البيانات في مجموعة من الاجهزة حول العالم دون وجود مركز تخزين أساسيّ، أي أن الشبكة لا تعتمد على “جهاز مخدّم رئيسيّ” بل تستخدم مجموعة ضخمة من الحواسيب المشاركة لتسجيل البيانات والتحقق منها.
في حالة البيتكوين مثلاً، الكتلة الواحدة تحتوي مجموعة ثابتة من البيانات، منها رمزاً ثابتاً للكتلة التي تسبقها Hash، عبارة عشوائية تدعى Nonce يتم تشكيلها بناءاً على رمز الكتلة السابقة، اضافة لمجموعة من السجلات التي تعبر عن عمليات نقل عملات البيتكوين بين الحسابات، وفي نهاية عمليات النقل هذه تقوم شبكة البيتكون بتقديم مقدار ثابت من البيتكوين لمن قام بحساب عبارة الNonce كمكافئة له.
بما أن الهاش والنونس رموز مبنية على الكتلة السابقة، وفي حالة البلوكتشين هناك مجموعة ضخمة من الكتل السابقة واللاحقة، لا يمكن للمخترق تعديل هذه البيانات دون تعديل كافة البيانات في كافة الكتل، وهو أمر غير ممكن على الإطلاق بسبب القدرة المعالجية الهائلة التي يحتاجها هذا الأمر. في الحقيقة، يتطلب الأمر وقتاً طويلاً لحساب الهاش وقد تتضمن العملية مجموعة كبيرة من الحواسيب لتشكيلها أحياناً.
لفهم الأمر بعبارات غير تقنية، كل قطعة من البلوكتشين مرتبطة بالقطعة السابقة بشكل لا يمكن تزويره، والبيانات الموجودة في هذه القطعة مخزنة في أماكن مختلفة حول العالم، من المستبعد جداً تعطّلها كاملة في نفس الوقت.
لماذا تسعى الحكومات والشركات لتوظيف هذه التقنية في تخزين البيانات؟
السبب الأكثر وضوحاً هو الموثوقية، ففي حالة السجلات الحكومية من المهم الاحتفاظ بسجل عن كافة التغييرات لملفات المواطنين، سواء في التصويت أو حتى البيانات الاجتماعية. باستخدام البلوكتشين يمكن للحكومات منع التلاعب والتزوير في الانتخابات، وضمان صحة معلومات المواطنين الموجودة على الشبكة. ووجودة هذه المعلومات متاحة في أكثر من مكان وعدم تخزينها على خادم واحد يعني أنها ستكون أقل عرضة لهجمات اتلاف البيانات وانقطاعات الخدمة.
بالطبع، لهذا الأمر سلبياته وإيجابياته، فالخصوصيّة في حالة تخزين المعلومات على شبكة من الأجهزة، أو حتى عدم امكانية حذف السجلات السابقة، قد تكون منتهكة بالكامل لبعض المواطنين، حق النسيان الذي توفره بعض الدول في مسح كافة بيانات المواطن عن الانترنت في كافة الخدمات قد يصبح أمراً من الماضي في حال اعتماد البلوكتشين كطريقة تسجيل للمعلومات، وقد تصبح هذه البيانات أكثر عرضة للكشف في حالات الهجمات والاعتداءات الالكترونية.
بأي حال، لا تزال التقنية في تواجد خجول جداً في هذه الأوساط ولكنّها تعرض امكانيات كبيرة يمكن توظيفها بالشكل الصحيح من هذه الأطراف مستقبلاً، وربما يتم تطويرها لتصبح أكثر قدرة للتعامل مع البيانات الأكثر حساسية وخصوصية مثل البيانات الاجتماعية وسجلات الشركات المالية.