الهيروين و تركيبه الكيميائي (دي أسيتيل المورفين) هو مخدر نصف صنعي مشتق من أفيون الخشخاش وتم إنتاجه لأول مرة عام ١٨٧٤ م كبديل لا يسبب الإدمان للمورفين ولكن سرعان ما ظهرت قدرته العالية على التسبب بالإدمان.
في حالته النقية يكون الهيروين على شكل بودرة بيضاء اللون لها طعم الزبدة أو بلون بني ويمكن أن يستخدم عن طريق الحقن أو الشم أو الاستنشاق أو عن طريق تدخينه. الهيروين يسبب الإدمان بشكل سريع حيث قد يسبب الإدمان بعد إستخدامه مرة واحدة أو مرتين مما يؤدي إلى حدوث تغيرات في دماغ وسلوك الأشخاص المدمنين.
حسب تقرير مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات فقد بلغت نسبة مستخدمي الهيروين والمورفينات بشكل عام ٠،٣٧% من سكان العالم او ما يقدر بين ١٣ و٢٣ مليون شخص حول العالم . بلغ عدد مستخدمي الهيروين في الولايات المتحدة الأميركية حوالي ٧٠٠،٠٠٠ شخص في إحصائيات عام ٢٠١٢. تضاعف عدد الوفيات المرتبطة بالهيروين أربعة أضعاف في العشر سنوات الأخيرة قبل عام ٢٠١٣ حسب مركز Disease Control and Prevention centers.
أغلب مستخدمي الهيروين من المراهقين في فترة المدرسة الثانوية تعاطوا الهيروين بعد استخدامهم لمسكنات الألم الأخرى. تأثير الهيروين يبدأ بعد تعاطيه مباشرة ويستمر تأثيره لمدة ٤ -٥ ساعات. استخدام الهيروين لمدة طويلة له نتائج قاتلة. التعافي من إدمان الهيروين صعب بسبب شدة أعراض الإنسحاب الناجمة عن وقف استخدام المادة ولكنه ممكن.
تأثيرات الهيروين:
يدخل الهيروين بسرعة إلى الدماغ ويرتبط بمستقبلات الأفيون الموجودة في عدة نقاط من الدماغ فيؤثر بشكل خاص على مراكز الإحساس بالسعادة والألم والمراكز التي تتحكم بالتنفس ومعدل ضربات القلب والنوم.
تأثيرات الهيروين على المدى القصير:
إضافة إلى الإحساس بالسعادة وتسكين الألم يختبر مستخدمي الهيروين تأثيرات أخرى تشمل: تضيق حدقة العين، جفاف الفم، تهيج الجلد، الشعور بثقل الأطراف، الغثيان والإقياء، الحكة الشديدة، ضبابية وتشوش التفكير، غياب جزئي للوعي.
تأثيرات الهيروين على المدى الطويل تشمل:
الأرق، تضرر الأوردة نتيجة الحقن، تضرر أنسجة الأنف عند مستخدمي الهيروين عن طريق الأنف، إلتهاب بطانة وصمامات القلب، إمساك وتشنج معدي، أمراض الكلية والكبد والرئتين ومن ضمنها الالتهاب الرئوي، الاضطرابات العقلية كالاكتئاب والعزلة الإجتماعية، الضعف الجنسي لدى الرجال واضطراب الدورة الشهرية لدى النساء.
يوجد تأثيرات أخرى محتملة قد تحصل لدى مدمني الهيروين كالعدوى الفيروسية كالإيدز والالتهاب الكبدي نتيجة الاستخدام المشترك للمحاقن بالإضافة إلى تشكل انسدادات في الأوعية الدموية في بعض الأحيان نتيجة خلط المواد كالسكر والحليب مع الهيروين وحقنها وريديا. الجرعة المفرطة للهيروين قد تؤدي إلى توقف التنفس ونقص الأكسجة مما يسبب ضرر دماغي قد يكون مؤقت أو دائم.
ما هي تأثيرات إستخدام الهيروين في فترة الحمل؟
يؤدي استخدام الهيروين في فترة الحمل إلى تطور ما يعرف بمتلازمة الانسحاب لدى الجنين neonatal
abstinence syndrome حيث تحدث نتيجة عبور الهيروين عبر المشيمة الى الجنين أثناء الحمل مما يسبب إعتياد الجنين على الهيروين مع الأم. عند الولادة تظهر أعراض الانسحاب الدوائي لدى حديثي الولادة والتي تضم: حمى، صراخ مرتفع، هيجان، إختلاجات، رجفان، صعوبة في زيادة الوزن، اقياء، اسهال وقد تنتهي بالموت.
هذه الحالة تتطلب المداخلة الطبية والبقاء في العناية المشددة تحت الإشراف الطبي.
كيف يسبب الهيروين الإدمان؟
تحفز المواد الأفيونية إفراز الدوبامين، وهو أحد الناقلات العصبية المسببة للشعور بالسعادة في المخ. يكبت الدوبامين شعور الألم ويزيد من مشاعر المتعة، مكونًا إحساسًا مؤقتًا ولكن قويًا من الشعور بالعافية. وعندما يزول مفعول جرعة الأفيون قد يجد مستخدم الهيروين نفسه يريد استخدام الهيروين مرة ثانية للإحساس بنفس الشعور وتكون هذه أول خطوات الإدمان.
عند الإستخدام المتكرر للهيروين لا يعود الدماغ قادرا على إنتاج الدوبامين بشكل طبيعي كالمعتاد وبالتالي يلجأ مستخدمو الهيروين إلى تعاطي جرعات أكبر وبوتيرة أسرع لتحقيق نفس المستوى من الشعور بالعافية.
الاعتياد على مسكنات الألم الأخرى المشابهة للهيروين كالمورفين والكودئين قد يدفع الأشخاص المدمنين إلى إستخدام الهيروين كبديل عند عدم توفر المسكنات الأخرى أو إنخفاض تأثيرها بعد اعتياد الجسم عليها.
الأشخاص المعرضين لإدمان الهيروين:
يمكن أن يحدث إدمان الهيروين لدى أي شخص، ولدى أي شخص يستخدم مسكنات الألم المورفينية ولكن بعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة للإدمان في حالات مثل:
- وجود قصة سابقة للإدمان.
- وجود فرد مدمن من نفس العائلة.
- التدخين الكثيف.
- الإكتئاب الحاد أو القلق المفرط.
- الأشخاص العاطلين عن العمل.
- العاملين في القطاع الطبي عرضة للإدمان بسبب سهولة وصولهم للأدوية.
وجود أحد عوامل الخطورة لا يعني بالضرورة تطور الإدمان، فالإدمان يتأثر بعوامل عديدة نفسية ووراثية ومحيطية.
كيف يتم علاج إدمان الهيروين؟
لا يوجد دواء واحد شاف بشكل نهائي للإدمان ولكن يحتوي العلاج الفعال عدة خطوات متكاملة تشمل:
- مرحلة إزالة السموم Detoxification وهي المرحلة الأولى.
- العلاج السلوكي والنفسي.
- العلاج الدوائي.
- تقييم وعلاج الحالة النفسية للمريض.
- متابعة المريض لبرنامج التعافي لفترة كافية بعد التخلص من الإدمان لمنع الانتكاس.
العلاج الدوائي:
عند محاولة مدمني الهيروين التوقف فجأة عن استخدام الهيروين قد تظهر أعراض تسمى أعراض الانسحاب الدوائي وتشمل:غثيان، اقياء، اسهال، صداع شديد، تعرق، ارتفاع حرارة الجسم، آلام في مناطق مختلفة من الجسم، قلق، إكتئاب وتشنجات عضلية بالإضافة لذلك فإن مرحلة تخليص الجسم من السموم قد تكون مزعجة ومؤلمة لهذا يستخدم العلاج الدوائي تحت إشراف ورعاية طبية في مراكز متخصصة لعلاج الإدمان حيث يستخدم للسيطرة والحد من أعراض الإنسحاب.
العلاج السلوكي المعرفي وهي جزء أساسي من برنامج العلاج يساعد المرضى بشكل رئيسي على:
- معرفة أثر استخدام الهيروين.
- تعلم المهارات لمواجهة الرغبة الشديدة في تعاطي المادة.
- تعلم طرق التعامل مع حالات الانتكاس.
- التعرف على الحالات النفسية الناجمة عن استخدام الهيروين وتعلم كيفية التأقلم معها.
- تعلم كيفية إدارة الحالات الصحية الطارئة المحتملة.
مبادئ وأساسيات العلاج الفعال لإدمان الهيروين:
بناءا على دراسات علمية المبادئ التالية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لتحقيق فعالية في علاج الإدمان، وتشمل المبادئ ما يلي:
- الإدمان هو اضطراب معقد قابل للعلاج يؤثر على الدماغ والسلوك.
- لا يوجد علاج فعال واحد لكل المرضى.
- يجب أن تتوفر إمكانية الوصول بسرعة إلى العلاج.
- يستهدف العلاج الفعال كل مشاكل المريض وليس فقط مشكلة الإدمان.
- الإستمرار في برنامج التعافي فترة كافية من الزمن من أهم عناصر النجاح.
- العلاج السلوكي والنفسي هو أكثر أنواع العلاج شيوعا.
- يجب أن تتناسب الخطة العلاجية مع تغير احتياجات المريض.
- يجب أن يستهدف العلاج الإضطرابات العقلية والنفسية للمريض.
- مرحلة تخليص الجسم من السموم تحت رعاية طبية Detxification هي المرحلة الأولى فقط من العلاج.
- يجب فحص المريض لإحتمالية وجود عدوى فيروسية كالإيدز أو التهاب الكبد.
بشكل عام يجب على أن يعالج برنامج التعافي المريض ككل وليس فقط مشكلة إدمانه على الهيروين.
فرط جرعة الهيروين:
يؤدي استخدام جرعة مفرطة من الهيروين إلى بطء وضعف التنفس، تحول الشفاه وقاعدة الأظافر للون الأزرق، برودة ورطوبة الجلد، إختلاجات ومن ثم الدخول في غيبوبة. في حال عدم توفر المداخلة الطبية تنتهي هذه الحالة بالموت. لمعاكسة تأثيرات فرط الجرعة يستخدم بشكل عاجل دواء “نالوكسون” حيث يرتبط بمستقبلات المورفينات ويمنع تأثيرها.